القسم الاول / التعليم في كركوك خلال العهد العثماني الفصل الثاني / التعليم الحديث في العهد العثماني تأسيس نظارة المعارف وفي رمضان سنة 1273هـ / موافق 17 آذار 1857م تم تأسيس " نظارة المعارف العامة " أي وزارة المعارف وعين اول وزير للمعارف في الدولة العثمانية عبد الرحمن سامي باشا.(8) وفي 18 جمادي الآخر سنة 1275هـ / كانون الثاني 1859م صدرت إرادة سنية " أمر سلطاني " ونشر في جريدة تقويم وقائع الرسمية بتأسيس " مكتب ملكية " أي المدرسة المدنية , لتعادل اليوم كلية العلوم السياسية لإعداد كوادر إدارية لاستخدامهم في الوظائف المدنية كقائمقامي الأقضية ومديري النواحي ومدراء لدوائر المدنية . وازداد في ذلك الوقت عدد المدارس الرشدية ازدياداً كبيراً . وانتشرت في انحاء مختلفة من الدولة , وتأسست في دار سعادة أي استانبول مدرسة للغابات و ( مخرج اقلام ) أي مدرسة لاعداد الموظفين . وكذلك تأسست داخل دار الفنون صفوف لدراسة الطب والكيمياء وتم تعين درويش باشا معلماً للمادة .(9) وفي عام 1280هـ / مايس 1864م , اعيد تشكيل مجدداً هيئة المعارف العمومية من قسمين هما : لجنة المدارس الاسلامية , وأنيط له تدقيق الكتب المتعلقة بالمذاهب . اما اللجنة الثانية , لجنة المدارس الرشدية والعالية , وكلف بالنظر في الامور المتعلقة بتعليم الاطفال .(10) وبهذا سعت الدولة لأول مرة الى التدخل بشؤون المدارس الدينية , الأمر الذي يدل على ان وزارة المعارف كانت تسعى الى التدخل كافة مؤسسات التعليم وتحت إدارتها او اشرافها . وفي عام 1283هـ / 1867م تم تشكيل دائرة التأليف والترجمة لإعداد الكتب المتعلقة بالفنون النافعة للمدارس والعامة الناس . وفي محرم عام 1285هـ / 1868م صدرت إرادة سنية بتأسيس مكتب سلطاني " المدرسة السلطانية " . وفتحت هذه المدرسة ابوابها لدراسة الغة الاجنبية لرعايا الدولة كافة مسلمين وغير مسلمين . وخلال هذه الفترة تأسست دار الشفقة , كما انشأت في نفس السنة المدرسة الطبية الملكية أي المدنية . وفي نفس السنة اتخذت " شورى الدولة " قراراً , بأن تقوم وزارة المعارف بتأسيس دار المعلمين الابتدائية في استانبول وزيادة عدد المدارس الرشدية في الولايات المختلفة خارج استانبول , وتأسيس مدارس رشدية للاناث في استانبول . وقد تم تنفيذ هذه القرارات بالكامل .(11) وفي 20 ايلول من نفس العام (1869) اصدرت وزارة عالي باشا قانون المعارف العام " معارف عمومية نظامنامه سى " والذي نشأ بموجبه نظام مدني كامل للتعليم الرسمي التابع للدولة مباشرة .(12) وبموجب هذا القانون تشكل مجلس المعارف العام من دائرتين علمية وادارية , وعهد الاولى بتأليف وترجمة الكتب الدراسية والمؤلفات العلمية المختلفة , وإقامة علاقات مع الجامعات الاوربية برئاسة الوزير منيف باشا . اما الدائرة الادارية , فتقرر ان تُعنى بالامور الادارية للمدارس ومجالس المعارف والمتاحف والمكتبات والمطابع والشؤون الشخصية للقائمين في مجال التعليم يترأسه ميرلوا طاهر باشا .(13) كما تقرر بموجب هذا القانون تأليف " مجلس المعارف " في كل مركز من مراكز الولايات , ويتكون هذا المجلس من مدير المعارف وهو رئيس المجلس ويساعده معاونان وبضعة موظفين , كما يضم المجلس اعضاء من الاهالي . واختصاصه هي الاشراف على تنفيذ الاوامر والتعليمات التي ترد من وزارة المعارف وتدقيق ميزانية مديرية المعارف وتفتيش المدارس والعمل على رفع مستواها , وإرسال تقرير سنوي الى وزارة المعارف عن احوال التعليم في الولاية .(14) يشتمل هذا النظام على خمسة أقسام تضم بمجموعها 198مادة , تناول القسم الاول اقسام المدارس ومستوياتها , ونص على تقسيم المدارس على خمسة مراحل دراسية هي : الصبيان , الرشدية , الاعدادية السلطانية والعالية . وتضم المدارس العالية " دار المعلمين , دار المعلمات , ودار الفنون " الجامعة " . ويتناول القسم الثاني من النظام تشكيلات المعارف العامة , والقسم الثالث نظام الامتحانات , والقسم الرابع المعلمين , والقسم الخامس الشؤون المالية للمعارف , وخصص النظام لدار الفنون (51) مادة . ويلاحظ انه لم تخصص أي مادة للمدرستين الحربية والطبية التابعتين لوزارة الحربية .(15) قسم القانون التعليم الى ثلاث مراحل وهي : أ- المرحلة الابتدائية " مكتب الصبيان " ومدتها أربع سنوات . ب- المرحلة المتوسطة " المكاتب الرشدية " ومدتها ثلاث سنوات . ت- المرحلة الثانوية " المكاتب الاعدادية " ومدتها أربع سنوات . ويضاف الى ذلك المدارس السلطانية ومدة الدراسة فيها 12 سنة الخمسة الاولى منها الابتدائية . والى جانب ذلك مدارس الصنائع ودور المعلمين وبعض المعاهد العالية . ولكن من خلال تتبع الاجراءات التي اتخذتها الدولة في مجال التعليم بعد صدور نظام المعارف , ان بعض من مواد هذا النظام لم ينفذ , كما ان وزارة المعارف لم يكن لها دور فعال مؤشر في عملية تطوير العلم . واستثناء بعض الولايات , لم يكن في جميع الولايات العثمانية أي مسؤول متفرغ للنظر في شؤون التعليم . ولعدم انتشار المؤسسات التعليمية في كافة أرجاء الدولة العثمانية لسببين اولهما اصطدام الدولة بالامكانات المادية كبيرة , وثانيها عدم توافر القائمين بمهمة التعليم في المدارس أي المعلمين .
الهوامش :- 8- نفس المصدر السابق , ص8 . 9- سالنامة نظارة معارف عموميه سى ج6 , ص21 . 10- ا .د. فاضل بيات , نفس المصدر السابق , ص19 . 11- نفس المصدر السابق , ص21 , وانظر فاضل بيات , المؤسسات التعليمية في المشرق العربي العثماني , ص19 . 12- للتفصيل انظر مجموعة التنظيمات العثمانية المنشورة بأسم " الدستور " ترجمها عن التركية نوفل عبدالله نوفل , ج2 , بيروت 1308/ 1884م . ص211. 13- د . فاضل بيات نفس المصدر السابق , ص 2, وسالنامة المعارف ج6 , ص22 . 14- الدستور , ج2 , ص177, انظر : د. ابراهيم خليل , تطور التعليم الوطني في العراق , ص33 . 15- د. فاضل بيات , نفس المصدر السابق , ص20 .
|