القسم الأول / التعليم في كركوك خلال العهد العثماني الفصل الأول /نظرة عامة للتعليم ومؤسساتها في كركوك أبان العهد العثماني طريقة التدريس في الكتاب : عند بدأ الدراسة , يكون للطلاب عند " الملا " منازل معينة , فالمبتدئون تكون مجالسهم بعيدة عنه , والمتقدمون في القراءة والكتابة يكونون اقرب اليه ويساعد الملا مساعد كما مربنا اعلاه يسمى " الخلفة " يقوم بالاشراف على الطلاب الجدد وحملهم على انجاز واجباتهم دون ابطاء او تماهل وعندما يتمون واجباتهم يعرض الأمر على " الملا " ليعطي واجبا جديداً , وهكذا يستوعب الطالب , القسم المطلوب منه , لينتقل الى قسم الاخر من الدرس . اما الدراسة في الكتاب فتبدأ كما مر بعد سن الخامسة او السادسة غالباً . والطريقة المتبعة في تعليم الاطفال , عند الملالي في كركوك هي " التهجي " الصائتة , أي القراءة بصوت عال . وقد كان العادة عند ملالي الكتاتيب هي أن تبدأ قراءة القرآن عادة بجزؤ " عم " وهو الجزء الثلاثون من القرآن الكريم . ويكون كما هو معروف مبدوءاً , بالحروف الهجائية , ثم الحروف بالحركات المختلفة , وثم بكلمات ( أبجد , هوز , حطي , كلمن , سعفص , قرشت , ثخذ , ضطغ ) . ويبدأ تعليم الصبيان لسور القرآن , اول مايبدأ عادة بسورة " قل اعوذ برب الناس " الى النهاية . وتبدأ تلك القراءة بطريقة " التهجئة " كما مره اعلاه في معظم الكتاتيب . وفي البداية , يبدأ المعلم بتعليم تلاميذه بكتاب يسمى كتاب " الفباء " . ويبدأ التلميذ بقراءة هذا الكتاب بمساعدة وبأشراف الخلفة او احد التلاميذ القدامى . وكانت تكتب على غلاف ذلك الكتاب " يافتاح " , " يارزاق " , " يالله " و " ياموعين " . واول واجب للتلميذ ان يحفظ هذه الالفاظ . وكانت تسمى ذلك الكتاب بـ " يافتاح " بسبب ورود اللفظ في اول الكتاب . 17 وبعد حفظ التلميذ هذه الالفاظ بصورة جيدة , ينتقل الى تعلم الفباء , وكان لفظ الحروف بالالفاظ المحلية أي بلفظ التركي , بصورة الاتية : اليف , به , ته , سه , جيم , هه , دال , زال , رَ , زَ , سين , شين , صاد , زاد , تَ , ذَ , ان , كاف , خـَ , قاف , كاف , لام , ميم , نون , واو , هـَ , لآم , اليف لا , ىَ . 18 وكان الصبيان يتمازحون فيما بينهم لحفظ هذه الالفاظ أي الحروف بأسماء تركية وعلى شكل الاتي : اليف – اكمك , بـَ - بيبر , تَ – توتون , صَ – صوغان , جيم – جيكر . 19 وهكذا يحفظون الحروف جميعاً . وكان معظم معلمي الكتاتيب يسمون حركات الاعراب بهذه الاسماء فان ( الضمة ) هي ( بَيش ) و ( الكسرة ) هي ( زَيْر ) و ( الفتحة ) هي ( زَبَر ) أما التنوين فانهم يلفظون كلمة ( دَُو )فاذا ارادوا فتحتين قالو " دو زَبَر " والضمتان " دوبيش " والكسرتان , دو زير " ويكون كما هو معروف مبدوءاً , بالحروف الهجائية , ثم الحروف المحركة بالحركات المختلفة . وبعد تعلم الطلاب واتقان الحروف بصورة جيدة , ينتقلون الى التعلم قراءة الحركات الضمة , الفتحة , الكسرة والتنوين , والمد على الوجه الاتي : -1 الالف زبَرا,بَ بَز َبرب , تَ زَبرتَ وهكذا وعلى هذا النمط . -2 الالف زير أي , بَ زير بِ , تَ زير تِ وهكذا ... -3 الالف بيش او , بَ بيش بو , تَ بيش تو وهكذا . 20 -4 الالف دو زير ان , بَ دو زَبَر بن , تَ دو زبر تن وهكذا... -5 الالف دو زير ان , بَ دو زيربين , تَ دو زير تين ... وهكذا . -6 الالف دو بيش اون , بَ دو بيش بون , تَ دوبيش تون وهكذا . -7 الالف الالف آ , بَ الالف بَ , تَ الالف تَ ... وهكذا ... وهناك شكل مختلط لقراءة نقاط اعلاه , وهكذا بعد تعلم الصبيان قراءة الحروف والحركات يبدأ بقراءة سورة الفاتحة من ( جزؤ عم ) . وعند توقفه في احدى الاماكن يقوم بتهجي الكلمة ويصل الى القراءة الصحيحة بمساعدة الخلفة . ويتم قراءة سورة فاتحة في البداية على الوجه الاتي : - ألف لام زَيرْ ( ال ) حَ ميم زبر ( حَمْ ) , ( الحم ) , ( دال بيش دو ) = الحمدُ , لام لام زير ( للـ , لام الالف لا ( للـه ) هـَ , زير هـِ ( بللهِ ) . أما اذا اراد ان يعلمهم عبارة ( قل أعوذ ) من سورة الناس فأنه يقول : - قاف لام بيش ( قُل ) ألف زبر ( أ ) ( قل أ ) ( عين واو بيش ) ( عُو ) ذال ضمهَ ( دو ) ( قل اعوذُ ) وهكذا الى بقية السورة .21 وكانت الدراسة هذه تعتمد على القراءة بصوت عال من قبل المعلم ويكررها الاطفال , كانوا يحفظونها كالببغاوات لايعرفون مايقولون وكان الملالي او الخلفات يلحون على الاطفال برفع اصواتهم وكلما كان الصوت عاليا كلما كان ذلك مبعث ارتياحهم وامتنانهم . وانهم حين يقرأون يحنون بجذوعهم الى الامام والخلف حتى ليكادون يدوخون من هذه الحركة . ونلاحظ عند حفظ التلاميذ للسور انه لايعلم اسماء الحقيقية للسور الواردة في القرآن الكريم . وعندما يسأل التلميذ عن اسماء السور فجوابه يكون على لفظ اول الكلمة الواردة في السورة , مثلا عند تعلمه سورة الفاتحة فيقول درست الحمدُ , وعند تعلمه سورة الاخلاص فيقول ( قل هو الله ) مشيراً لاسم السورة . وعند تعليم بعض السور كان الملا يقوم بربط اواخر السور بنظم شعرية يربطه بنفس النغم والقافية , وبهذا يطلب من التلاميذ بعض الهداية او مبالغ نقدية . مثلاً عند قراءة ( سُورة النَصر ) ولما يصل الى نهاية اية ( إنََهُ كَانَ تَواَبا ) ويقول ( بر قره طاوق صوابا ) أي ( دجاجة سوداء للثواب والاجر ). ويضطر التلميذ من اهداء دجاجة سوداء للملا او يعوض الدجاجة بمبلغها. وكذلك عند تعلم ( سُوَرة الماَعُون ) وعندما يصل الملا الى نهاية اية ( ويمنعون المَاعُون ) وبعده يقول ( بر قالب صابون ) وهكذا يطلب منهم صابون . وهكذا بسبب هذا التكرار يبدأ الطفل بحفظ هذه السور حفظاً اعمى او ماتسميه " الدرخ " . 22 وهكذا وعلى هذا النمط يكمل الصبي دراسته وحفظه للسور الاخرى . ان هذه الاساليب التلقينية الجافة بالنسبة للاولاد الصغار تحملهم فوق ما يطيقون ولكن ما العمل كان اسلوب وطرق التدريس انذاك هذا الطريق . 23 وهكذا ما أن ينتهي الطالب من مرحلة التهجئة حتى ينتقل الى مرحلة القراءة السريعة بدون تهجئة وتسمى كما اصطلح عليها باسم " روان " أي استقامة . والغرض من تعليم في الكتاتيب هو في نظر علماء المسلمين تعليم المسلمين مبادئ الدين والتي تكتسب بالتعليم ومبادئ القراءة والكتابة , انها سبيل الى سهولة تحصيل عنصر هام من عناصر الدين وهو القرآن الكريم وبهذا يكمل الانسان بها نفسه . الهوامش :- -17 عطا ترزي باشي , كشكول التركمان , ص66 جلد . Ata Terzibaşı, Türkmen Keşkülü,s66. C1 . -18 نفس المصدر السابق ص67 . -19 نفس المصدر السابق , ص67 . -20 نفس المصدر السابق ص 67 – 68 . -21 نفس المصدر السابق , ص 67 – 68 . -22 عبد الرزاق الهلالي المصدر السابق الانتداب , ص38 -23 عبد الرزاق الهلالي , نفس المصدر السابق ص49.
|