إن تاريخ ناحية التون كوبري يعود إلى عام ( 228 ق . م ) وإنها مدينة ذهبية أصيلة بأهلها الطيبين ومن محلاتها القديمة محلة ( اورطا يقا , كوجوك كوبري , سلاحليلر ) وعرفت تلك محلات بمذاقها الاجتماعي وعلاقاتها المشبعة بالود والمحبة , وتقع هذه الناحية إلى الشمال الغربي من مدينة كركوك حيث تبعد عن كركوك حوالي 44كم وعن مدينة اربيل 50كم , وهي بمثابة محطة استراحة للقوافل التجارية والعسكرية , وإنها مدينة الجمال والطبيعة وتقع على ضفتي نهر الزاب الأسفل وفي وسط الطريق بين مدينتي كركوك واربيل , وإنها من المدن التركمانية العريقة في التاريخ حيث لها موقع استراتيجي هام .. وشهدت مدينة التون كوبري اكبر وأبشع مجزرة من المجازر التي ارتكبت بحق شعبنا التركماني ومدنهم التركمانية العريقة . ففي صبيحة يوم 28 من آذار عام 1991م وخلال الانتفاضة الشعبانية , ارتكبت مجزرة رهيبة بحق المدنيين الأبرياء من الأطفال والشباب والشيوخ ناحية التون كوبري , حيث أن المرتكبين كانوا مجردين عن الرحمة و الشفقة و إلانسانية والفاعلون كانوا يدرون بان هؤلاء أبرياء وغير مسلحين ولم يقاوموا أحدا ولم يرتكبوا أي عمل إجرامي . واقتحمت قوات الحرس الجمهوري للنظام السابق هذه المدينة وقاموا بتفتيش الدور السكنية وإخراج الشباب والشيوخ من البيوت عنوة وبالقوة بحجة أنهم يحققون معهم ولكنهم ذهبوا دون العودة وبقيت عوائلهم ينتظرون متى يعود الأولاد إليهم وقاموا بالبحث عنهم في كل مكان ولم يعثروا عليهم إلا فيما بعد جثثاً مشوهة وفي خارج ناحية التون كوبري في قضاء دبس بالقرب من معسكر للجيش . حيث أنهم قد اعدموا رمياً بالرصاص وذلك من قبل قوات جيش النظام السابق , ولكن الله يمهل ولا يهمل لقد انتقم الله من المجرمين شديد الانتقام .. وهنا نروي رواية لأحد شهود عيان أن قوات الجيش قد قيدوا أيدي وأعين الشباب والأطفال وبدأت أطلاقات الرمي عليهم وتعالت صيحات ونداءات ملأت الدنيا , الله اكبر .. الله اكبر .. الله اكبر .. إننا أبرياء ولم نرتكب شيئاً ..
وكذلك نقل أحد الشهود عيان الموقف الفريد في التضحية والفداء هما أن الشهيد احمد الحاج أنور كوبرلو والاثنان من أولاده قد عانقوا والدهم عناق الفراق عناق ابكي ضمير الدنيا تعانقوا وهم صيام , أي ظلم هذا وأي جرم , لقد قام الجلادون برمي الوالد وولديه الاثنين في آن واحد دون أي ذنب أو جرم ارتكبوا .. إذن أن مجزرة التون كوبري عام 1991م هي من المجازر البشعة التي ارتكبت بحق المواطنين التركمان في العراق حيث اختلطت فيها دماء كركوكلي وكوبرلي وتازلي معاً , حقاً إنها هي أبشع جريمة بحق الإنسانية وكان الهدف منها هو محو تراث وحضارة التركمان وطمس هويتهم القومية . ومجزرة التون كوبري عام 1991 كانت هي حلقة من سلسلة حلقات المذابح التي تعرض لها التركمان في العراق . فألف تحية وإجلال وإكبار لشهداء الانتفاضة الشعبانية عام 1991 عامة وشهداء مجزرة التون كوبري الرهيبة خاصة .. وتبقى ناحية التون كوبري التركمانية بجسرها الذهبي ومائها ورجالها الشجعان مدينة التضحية والفداء ونموذجاً للمحبة والألفة والسلام ..
|