الجروح التي نزفت من جسد الامة ستبقى في ذاكرة الاجيال مهما توالت السنوات وتكالبت المؤامرات , واصدق مثال على ذلك فان عقود طويلة مرت على مجزرة كركوك الرهيبة في تموز عام 1959 بحق الشعب التركماني النبيل وما تزال شاخصة في اذهاننا ولن ننساها ابدا . ستة عقود وأكثر بسنتين وبسنوات عجاف ونعيش الم وحرقة المجزرة .. عقود طويلة مرت على يوم اسود في تاريخ البشرية , ولطخة عار في صفحات الانسانية وعلى جبين القتلة الذين استهدفوا المواطنين التركمان في مدينتهم العريقة عراقة تاريخ الشعب التركماني على ارض الرافدين منذ اكثر من ستة الاف وخمسمائة سنة مضت يوم أسسوا الحضارة السومرية فيها . لم تكن المجزرة صدفة او وليدة يومها كما ادعى البعض , بل كانت تحضيراتها منذ آذار 1959 على الأقل وأحداث ثورة الشواف في الموصل حيث سيطرت بعض الجهات على مدينة كركوك خاصة بعد إبعاد الزعيم ناظم الطبقجلي وتعيين سلمان الجنابي الذي فتح الباب على مصراعيه امام من نفذ المجزرة بحق التركمان . سنوات عجاف طوال والوقائع تنشر كل سنة هنا وهناك الاف المرات عن الانطلاقة الاولى للمجزرة قرب السوق العصري في شارع أطلس , وصيحات الترهيب والوعيد ( ماكو مؤامرة تصير ..) تعيد نفسها كشريط وثائقي , مع لقطات السحل والهراوات والسكاكين من زمرة الغوغاء والمرتبة العالية للاستشهاد منا . ومشاهد سحل ( عطا خير الله ) من أمام منزله وقتل صلاح الدين أوجي وقاسم بك نفطجي ونورالدين عزيز واخوانهم في قائمة الشهداء لا تفارق ذاكرة من عاشوا ماسي المجزرة او سمعوا بها . ومازال التركمان مستهدفون . لماذا ؟ لقد استهدف التركمان لمحوهم في 1980 وما تبعها من سنوات , والتون كوبري 1991 الى ما بعد الاحتلال والدليل ما جرى في فاجعة تازة خورماتو وما تبعها من تفجيرات في قرة قوينلو وتلعفر وامرلي وبشير وتصفية رموز التركمان ليس ببعيد عن ذاكرتكم , فاننا لم ولن ننسى شهداء 1959 و1980 والسنوات الاخرى ولن ننسى شهيد الراية علي هاشم مختار اوغلو ومنير القافلي واللواء عدنان وغيرهم وغيرهم . مرة أخرى السؤال البسيط المعقد .. لماذا التركمان ؟ . لا احد يستطيع ان ينكر مواقف الشعب التركماني النبيل الوطنية قبل وبعد تشكيل اول حكومة عراقية في عشرينيات القرن الماضي وكونهم يدفعون ضريبة الانتماء الوطني المخلص ودعواتهم الصادقة للحفاظ على وحدة العراق ارضا وشعبا حتى من قبل تشكيل المعارضة العراقية في المنفى وابعد من ذلك التاريخ ايضا منذ 1959 وتعرضوا لصنوف الظلم والعدوان رغم انهم كانوا ومازالوا قدوة للجميع في تبني وتطبيق وتفعيل مبادئ الوطنية الحقة والاخلاص . السؤال المنطقي الذي يتبادر الى ذهن أي واحد منا هو لماذا تلعفر – امرلي – طوز خورماتو – طاووق – تازة خورماتو بشير – كركوك – ومن ثم تلعفر و تلعفر مرات أخرى وكركوك وكركوك مرات ومرات وقرة قوينلو والعياضية في الموصل وجميع مدن وقصبات توركمن ايلي . لماذا استهداف مناطق توركمن ايلي بهذه الوحشية . والجواب البسيط الذي يعرفه العراقيون جميعا قبل التركمان هو في الحقيقة التي لا جدال فيها هي ان التركمان في العراق هم من لا يريدون تفتيت الوطن وهم اول من دعوا ويدعون الى الحفاظ على وحدة العراق وان تكون ثرواتها ملكا للعراقيين جميعا وان التركمان هم أساتذة في دروس الوطنية والإخلاص والأخلاق والوفاء , لذا كانوا مستهدفين منذ حوالي قرن من الزمان . لكن لا يصح الا الصحيح …
|