لا يخفى على اي متتبع ان جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) قد وجهت ولا تزال توجه ضربات موجعة إلى اقتصاد يعاني بالفعل من الهشاشة , ومع أن النتائج الحقيقية لآثار الجائحة لن يتضح قبل مرور مدة من الزمن قد تقدر بالسنين ، فإن الخسائر في هذا المجال ستكون كبيرة وتجعل مواطن الضعف القائمة بالفعل على صعيد الاقتصاد الكلي للبلدان النامية عرضةً لاضطرابات اقتصادية كبيرة , وحتى مع وجود بعض المعالجات الانية فمن المتوقع أن تكون التداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا طويلة الأمد . ومنذ نيسان 2020، فان حوالي 150 بلدا قد أغلقت المدارس، وفرضت إلغاء التجمعات والفعاليات ، وفُرِضت قيود عدة على السفر وعلى نطاق واسع وأثَّرت هذه إلى جانب التباعد الاجتماعي تأثيرا كبيرا على النشاط والتجارة في العالم ، حدوث تقلبات في الأسواق المالية ، وتراجعات حادة لأسعار النفط والمعادن الصناعية . ان اقتصاديات الأسواق في بعض الدول وخاصة النامية ، قد تكون الأشد تضررا اقتصاديا، وبالاخص تلك التي تعاني ضعف في أنظمتها الصحية والبنى التحتية ، أو تعتمد اعتمادا كبيرا على التجارة أو السياحة أو تعتمد على صادرات النفط وعند ذاك تشهد اقتصادياتها ارتفاع عجزها المالي وديونها عما كانت عليه قبل انتشار المرض . وعلى الاغلب ستكون الأضرار طويلة الأجل لجائحة كورونا شديدة للغاية في الاقتصادات التي تعاني أزمات مالية ، وفي البلدان المصدرة لمنتجات الطاقة بسبب انهيار أسعار النفط وقد تؤدي أزمة مالية ولو متوسطة إلى انخفاض الناتج المحتمل للبلد بنحو عشرة بالمائة أمَّا في البلدان المصدرة للنفط فقد يؤدي انهيار أسعار النفط إلى انخفاض الناتج المحتمل بنسبة اكبر . من الضروري أن يعتمد التخطيط في اي بلد برامج إصلاح شاملة لتحسين الوضع الاقتصادي والعودة إلى تحقيق نمو قوي بعد انحسار جائحة كورونا ، وفي الوقت ذاته تمهيد الطريق لمستقبل اكثر إشراقا وحينما تنتهي الجائحة سيكون من الضروري أيضا العمل الجاد والاستعداع الصحي قبل أن يقع الوباء التالي , وسيتطلب تحسين قدرات قطاع الرعاية الصحية تعاونا وتنسيقا على صعيد جميع مرافق ومؤسسات الدولة .
ان بعض الدول التي تمتلك من المقومات ما يؤهلها لاستعادة الاستقرار الاقتصادي بعد الأزمة وان ثقة الشعب بالحكومة وعقول الاكاديميين والخبراء في هذه الدول وطرق تعاطيهم مع الأزمة وما الذي يتطلعون إليه في المستقبل القريب , حيث تسهم الثقة المتبادلة بين الشعب والحكومة في اي بلد واستعداد المواطنين للتضامن والتكاتف في وجه الأزمة ، سيؤدي بنصيب كبير في نجاح اجراءات التصدي للازمة عبر واجهة الواجب الوطني والاعلام المرئي والمطبوع والمقروء المكثف وعلى مواقع التواصل الاجتماعي لحث الناس على التضحية والالتزام في سبيل الصحة العامة .
|