إنّ مسلسل الشّهادة الطّويل والمتجذر في ارض وتراب توركمن ايلي قد جعلها موطناً وموئلاً للشّهداء، وغدا في كلِّ مدينةٍ منها وقرية، شواهدَ خالدةً على تجذّر قيم الجهاد والتّضحية والشّهادة في روح الانسان التركماني، وعشقه للشهادة من اجل العقيدة والقضية والأرض. ففي كل بقعة من بقاعها العشرات من قصص الشهادة وسير الابطال الذين جادوا بأرواحهم وانفسهم في سبيل القضية( والجود بالنفس اقصى غاية الجود). إنّ إحياءَ ذكرى الشهيد التركماني في كل عام، يعني إحياء واستذكار تاريخ الجهاد والنّضال والإيثار من أجل الحريّة والعدالة ونيل المطالب المشروعة، واستحضارَ التّجارب التّاريخيّة لمعنى الشهادة، وأخذَ العبرة و إستنباط الدّروس منها. لقد خصّصَ أبناءُ شعبنا يوم السادس عشر من شهر كانون الثاني من كلِّ عام يوماً يُحتفى ويُحتفل به للشهداء، وهو ذكرى ارتقاء ارواح الشّهداء الدكتور نجدت قوجاق ، والزعيم عبد الله عبد الرحمن والدكتور رضا دميرجي، والشهيد عادل شريف، إلى ربها راضية مرضية، حيث كانت دماؤهم الطاهرُة عنواناً وشهادة حق لتضحيات الشهداء وجراح المعذبين وأنين المسجونين ، ومعاناة النازحين، وبراهين على صدق الموقف وعدالة القضية وصدقها. إنّ الإحتفاء بيوم الشهيد التركماني في 16 كانون الثاني ، والإحتفال به ، يعني الأحتفاء بكل الشهداء على إمتداد خارطة توركمن ايلي، بدءاً من تلعفر وانتهاءاً بكل شبر من الأرض سال عليها دم الشهيد او ارتقت عليها روحه الى السماء. ونحن إذ نحتفي بالشهيد ونستذكره في مثل هذا اليوم من كل عام ، ونستحضر سيرهم العطرة وسفرهم المكّلل بالبطولة والشجاعة والإقدام ، فإننا نُدشّن لمشوار جديد من صفحة ناصعة من قيم الشهادة المتجددة والمتجذرة في نفوسنا، ونؤكد في كل حين وزمان ، بأننا على العهد ماضون، مادام فينا عِرقٌ ينبض، وقلبٌ يخفق، ولسانٌ يلهج .! سلام وتحية ووقفة إكبار وإجلال لكل الشهداء الذين جادوا بارواحهم من أجل ان نحيى نحن ونمضي ونسير في الطريق الذي خطّوه لنا، والنهج الذي أختاروه للأجيال اللاحقة من بعدهم ، وهم يُقدمون أرواحهم الى مهاوي الردى لغايةٍ ساميةٍ وهم يبتغون حياةً تُسّر الصديق وتُغيظ العدى ، وكأن الشاعر قد عناهم وقصد بطولاتهم حين أنشد : سأحمل روحي على راحتي ... وألقي بها في مهاوي الردى فإمّا حياة تسرّ الصديق .... وإمّا مماتٌ يغيظ العدى ونفسُ الشريف لها غايتان .... ورود المنايا ونيلُ المنى وما العيشُ؟ لاعشتُ إن لم أكن .... مخوف الجناب حرام الحمى إذا قلتُ أصغى لي العالمون ..... ودوّى مقالي بين الورى لعمرك إنّي أرى مصرعي .... ولكن أغذّ إليه الخطى
|