تكاد اشارات المرور والشوارع في مدينتنا العزيزة كركوك بل وفي اغلب المدن العراقية ان لم تكن جميعها لا تخلو من اطفال ونساء وشباب يحاولون انتزاع ( ربع الدينار ) ولو بالتوسل والرجاء المفعم بالدموع . في مثل هذه الاماكن وغيرها انتشرت وبصورة مرعبة ظاهرة التسول امام انظار الجميع وعلى مرأى ومسمع رجال الشرطة وسط غياب الدور الرسمي والتدخل الحكومي لمعالجة هذه المشكلة التي اصبحت تتفاقم يوما بعد اخر . واللافت للنظر وجود اعداد كبيرة من المتسولين والشحاذين بمختلف الاعمار من اطراف مدينة كركوك وخارجها , بل ويصادفك في مرات عديدة الكثير ممن هم من خارج العراق وخاصة من سوريا دفعتهم الاحداث الى الهجرة القسرية او لاسباب مجهولة بحثا عن الامان ولقمة العيش عبر طريقة سهلة دون الحاجة الى العناء او الحصول على شهادات دراسية والتي ان وجدت فلا تشفع لصاحبها ابدا . موجة التسول تشمل صبيانا وبنات بعمر الزهور ينتشرون في الشوارع والازقة والحدائق العامة وبعضهن يحملن اطفالا رضع لترث هذه المهنة ابا عن جد كوسيلة مربحة لجمع الاموال . لقد اصبحت حالات التسول بضاعة رائجة لدى البعض وهم اختصاصيون في تشغيل الاطفال عبر تامين المبيت والماكل وحتى الملبس وبعض الاعمال الترفيهية بعيدا عن اعين الرقباء , وهناك اشخاص اخرون يستخدمون وبمهنية عالية ذوي الاعاقات والعاهات والعجزة ويعلمونهم الطرق المثلى للتسول والتوسل طلبا للمساعدة وجمع المال . الانسان العادي يلاحظ انتشارالشحاذين والمتسولين وبمختلف الاعمار ومن كلا الجنسين وهم يهيمون في الطرقات وعند اشارات المرور وفي كل زاوية من زوايا كركوك لا يردعهم رادع من حر الصيف وبرد الشتاء وسط غياب الاجراءات الحكومية الرسمية لمتابعة ومعالجة هذه الظاهرة التي باتت بحكم المشهد اليومي المعتاد دون اكتراث او مبالاة من اي جهة كانت . ولم تقتصر ظاهرة التسول عند اشارات المرور فقط , فمنهم من يقف عند ابواب الدوائر الحكومية والجوامع وبالاخص ايام الجمع والمناسبات الدينية او المؤسسات الرسمية والجامعات دون ادنى رادع من اية جهة كانت وان اغلب هؤلاء المتسولين لا يملكون ماوى او سكنا خاصا بهم للراحة والمبيت ويعودون ليلا عند انتهاء وجبة العمل لاماكن عائدة لرب العمل الذي يستخدمهم في هذه المهنة ضمن ضوابط خاصة وصارمة ولا يتواني صاحب العمل عن تعنيفهم ومعاقبتهم بالضرب اذا كان الوارد اقل من المتوقع والمطلوب . ترى ما هي الاسباب الحقيقية التي دفعت وتدفع الصبيان والبنات في اعمار شتى بل وحتى الرجال والنساء لممارسة مهنة التسول ؟ ولماذا ازدادت وبصورة ظاهرة للعيان في الفترة الاخيرة ؟ . هل هو اعمل العنف وتردي الملف الامني ؟ , ام اعمال النزوح والتهجير القسري والاقتتال الداخلي والعنف الطائفي , ام الازمات الاقتصادية وتفشي البطالة او اسباب واثار سلبية اخرى تدفع الى التشرد وتقود الى الانحراف والضياع ؟ . ومن الاسباب الاخرى وجود عوائل كثيرة فقدت معيلها لسبب او اخر , وكذلك هناك اسباب اخرى تدفع الى مثل هذا السلوك وعوامل اساسية تقود هذه الشريحة من ابناء المجتمع الى هذا الدرب الشاذ وغير السوي مثل الطلاق الذي يؤدي الى التفكك الاسري وازدياد عدد اولاد الشوارع ونشوء مشاكل وازمات عديدة وبالتالي يجبر الابناء على دفع ثمن اخطاء الاباء عبر فاتورة ثقيلة وغالية . ولعلاج ظاهرة التسول وتاهيل الشحاذين لا بد ان تتظافر الاعمال والجهود عبر اجراءات حكومية رسمية ملموسة وتفعيل دور الجمعيات والمؤسسات ومنظمات المجتمع المدني , وكذلك طلب العون والمشورة من الجهات الدولية وتقديم العناية الصحية والمعالجة النفسية مع خلق فرص عمل عديدة لمختلف الاعمار وغيرها من الاعمال الخيرية التي بمجموعها ستعمل على خفض معدل الجريمة والانحراف بنسبة كبيرة جدا في مجتمعنا عامة وستؤثر ايجابيا على صورة الحياة ومجرياتها في كركوك خاصة والعراق عامة .
|