يؤكد الفيلسوف الأمريكي وليم جيمس وهو مؤسس مدرسة علم النفس الحديث أن " الابتسامة المشرقة تساعدك على أن تؤثر في الآخرين بها وبأفعالك تجاههم .. لأن الذي يبدو للناس هو أن الأفعال تعقب الإحساس فإذا أحسوا بأنك ودود وحريص على مصادقتهم فإنهم سيثقون بأنك فعلا قمت بذلك والواقع أن الأفعال والإحساس يمضيان جنبا إلى جنب . ويضيف وليم جيمس قائلا : إنك " إذا ابتسمت دون أن يكون لك حافز على الابتسام انتهيت إلى أن تظفر بهذا الحافز فعلا وتظاهرك بالسعادة يهيئك للإحساس بالسعادة فلا تحرم نفسك من نعمة الابتسام التي تأسر القلوب وتسهل لك مهمة التأثير على الآخرين وتعود بالخير على صحتك الجسمية والنفسية " . ويبدو أن الكثيرين من أبناء جلدتنا اليوم ، لم يعوا هذه الحقائق الجميلة التي أكدها ( جيمس ) فتراهم مع اشراقة كل صباح وطيلة النهار، متعصبين متعبسين ، أعصابهم متوترة ، وجوههم متجهمة ، ملامحهم كئيبة ، مع أن الصباح هو أعلان عن مولد يوم جديد يدعو الى التفاؤل واستقبال اشعة الشمس بالابتسامة والقبول والرضا . وتنتشر مع الأسف ظاهرة الملامح العبوسة في كل مكان تقريبا ، في الشارع وفي مكان العمل وفي المدرسة وفي الدائرة الحكومية . واتسائل بحرقة : ما ذنب الصباح المشرق الندي كي نستقبله بهذه الوجوه الكالحة والملامح القاتمة ؟ أما كان الأجدر بالمتجهمين والعابسين ، أن يبتسموا أبتسامة صافية نابعة من الأعماق فيتنعشوا وينعشوا من هم حولهم ؟ فالذي يستفتح نهاره بوجه كئيب ليس كالذي يبتسم للصباح ووجهه يتهلل بشراً ويتطلق سماحةً ، فالأول مكروه ومنبوذ ، والثاني مرحب به ومحبوب ، و كان اجدادنا محقين وبارعين حين وصفوا صاحب الوجه العبوس بكناية لطيفة ذكية فقالوا عنه ( اوزو سمباق صاتيري ) أي أن وجهه يبيع ( السماق ) في كناية ظريفة وتشبيه مُتقن بين الوجه العابس ونبتة السماق ،والسّماق نبتةٌ معروفة لها طعم حامضي لاذع تُستعمل كمطّيب للطعام . وهذه دعوةٌ صادقةُ لكل عابس مقّطب الجبين يرسم بين حاجبيه رقم ( 11 ). ابتسم ودع عنك العبوس والأكتئاب كي لا تكون من باعة ( السماق ) . وارسم ابتسامة صافية على ملامح وجهك ، وعامل الناس وداً بوّد ، وتحيةً بتحية ، فالناس مرايا يعكسون تعامل الأنسان معهم . وتذكر الحديث النبوي الشريف (( لا تحقّرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجهٍ طلق )) ...!
|