يُحكى أنه في أحد الأيام , قام أحد الأشخاص بشراء بقرة من خلال الكسب الحرام , ثم تندَم على فعلته المشينة , وقرَر التوبة , ولأجل التكفير عن ذنبه , قرر أن يهدي هذه البقرة الى تكية الحاج ولي بكتاش , وكانت التكايا في تلك الأيام يتم فيها طبخ الطعام وتوزيعها , إضافة الى كونها مدارس للعلم والتعبد . لكن الحاج ولي بكتاش ردَ هديته وأستحرمها , بعدما أستوضح من الرجل عن مغزى ومصدر هديته !!! وتكدَر الرجل من هذا الموقف ولَم ييأس , وقرر أن يطرق باب الشيخ جلال الدين الرومي , ويعرض مسألته عليه ويقدم هديته الى تكيته , والعجب أن الشيخ قبلها منه !!! ولم يتمكن الرجل من كتم أستغرابه , فسأل الشيخ الرومي عن سبب قبوله الهدية رغم أن الحاج بكتاش رفضها منه !!! فأجابه الرومي :- (( كيف تقارن الغرابَ بالنسر الحرَ )) ؟؟؟ في إشارة الى أن الغراب يأكل حتى من الجيفة ( وقصد به نفسه ) , بينما النسر ذلك الطائر الحرَ الذي لا يأكل إلا من اللحم الطريَ , وقصدَ به الحاج ولي بكتاش . ومرة اخرى , لم يتمكن الرجل من كتم أستغرابه , فعاد أدراجه الى الحاج ولي بكتاش , ليطرح عليه أستغرابه من عدم قبوله الهدية رغم قيام الشيخ الرومي بقبولها . فأجابه الحاج بكتاش :- كيف تقارن بين مٓنْ قلبه بمثابة غرفة ماء ( وقصد به نفسه ) , وبين من يمتلك قلباً مثل المحيط ( وقصد به الشيخ الرومي ) !؟؟ في إشارة الى أن قطرة الماء النجسة يمكن أن تعكَر وتنجَس صفاء غرفة ماء , ولكن آثار هذه القطرة تضيع في مياه المحيط . ولهذا السبب قبلها الرومي ولَم يقبلها بكتاش .
رغم أن كلا الشيخين ينتميان الى مذهبين مختلفين , ولكن اللسان الذي كانا ينطقان به , ينبعث من العشق الألهي , وتقدير خليفته في الأرض والأحترام المتبادل , فما كان جواب أحدهما إلا أفضل وأبهى من الآخر , وهذا ما جعل مدرستهما خالدتين الى يومنا هذا , رضي الله عنهما .
|