ها قد مرت ثلاثون ليلة , بساعاتها , ودقائقها , مقفرات , عابسات , منذ أن اودعتك شهيدا , قطفت روحه , رصاصة غادرة , في يوم نحس , وبأس ثقيل , في يوم أراد الظلاميون فيه , أن يدنسوا التربة التي ولدت فيها , وتربيت على أديمها , وأحببتها , حب عاشق وامق , فكنت أهلا وجديرا لذلك الحب , فلم تتوارى كما توارى اخرون خوفا وهلعا , بل أندفعت بكل شجاعة وأقدام , تحمل كاميرتك , وقلمك , تنقل الأحداث الى العالم , اولا بأول ... في ظهيرة ذلك اليوم المشهود , كانت كلماتك الحانيات , وانت تكلمني بالهاتف , هي اَخر عهدي بك , ولم أكن أعلم انها ستكون الاخيرة والخاتمة لعلاقة صداقة واخوة دامت لعقدين من الزمن ... صداقة , سمت فوق كل معاني الصداقة العادية , حتى غدت علاقة أخوة نقية صادقة , تقاسمنا بها كل شيء , الضحكة والدمعة , الفرحة والغصة , الحلو والمر ... اخي العزيز : يحز في نفسي , والألم يعتصر صدري , والدموع تحرق مدامعي ,أن اخاطبك بصيغة الغائب ..! وأنت الذي كنت لي دوما , الحاضر الوفي دوما , والجليس المؤنس أبدا , وستظل كذلك , الى أن تصعد الروح الى باريها , ويقضي الله أمرا كان مفعولا ... واليوم , اذ أخط اليك هذه الكلمات , يغمرني أحساس , بانك ترنو ألي , وأنت تجلس أمامي , تماما كما كنت من قبل , تنصت الي وانا القي قصائدي على مسمعك ...! اخي الحبيب , لا يسعني في هذا الموقف المحزن والمؤلم , الا ان أرفع كف الضراعة والتوسل الى العلي القدير وأقول : اللهــــم , إنََ عبدك " أحمد " في ذمتك وحبل جوارك فقِهِ فتنة القبر وعذاب النار , وأنت اهل الوفاء والحق , فاغفر له و ارحمه , إنك أنت الغفور الرحيم ... اللهــــم اجعله في بطن القبر مطمئناً , وعند قيام الأشهاد آمناً , وبجود رضوانك واثقاً , وإلى أعلى علو درجاتك سابقاً ... اللهم الهم والديه واخوانه وزوجته وابنيه , وجميع أصدقائه ومحبيه الصبر والسلوان , وأعنهم على فراقه وأجعله من أهل الجنة , يا رب ....
|