الاقلية او الاقليات كلمة نسمع بها كثيرا في نشرات الاخبار دون ان نخوض في تفاصيلها, مصطلح كأي اسم لأي مرض نسمع عنه ولا نعرف ماهيته. ان يكون الفرد من الاقلية في بلد يعيشه فيه, يعني ان يتحمل عبئا كبيرا وان يبقى يتذمر ويتحدث مع نفسه دون ان يسمعه احد وأن يقضي جل عمره مناضلا لإثبات ذاته. ان تكون مواطنا من الدرجة الثانية يترتب عليك القيام بكل الواجبات التي تفرض على اي مواطن من الدرجة الاولى, كالخدمة العسكرية وتحمل ما يعيشه البلد من مآسي الحروب والويلات, بل المشاركة فيه على اكمل وجه وتحمل الجزء الكبير من تلك المصائب. ان تتقدم الى ابسط كلية, كالكلية العسكرية وكليات الشرطة التي لا تتطلب معدلا يذكر وترفض لأنك من الدرجة الثانية والقبول خاص! ان تكون مواطنا من الدرجة الثانية ومحسوبا من الاقليات في بلد ما, فانك سوف تحرم من كل الامتيازات التي يتمتع بها الاخرون. ان لا تجد عملا يناسبك, ان تحرم من تولي المناصب, ان لا تكون لك حقوق المواطنة الاعتيادية. ان تنهي دراستك الجامعية بعد عناء وشقاء وان تجبر في الانتماء الى الطائفة الفلانية وتتنكر لقومك ومن ثم تتقدم الى العمل. ان تكون اقلية او مواطنا من الدرجة الثانية وتريد ان تتسنم منصبا معينا, لا يمكن الا بعد ان تتخلى عن كل الانتماءات الطبيعية التي اختارها الله لك وان تتمرد على كل القيم والمبادئ وتكون مجردا منها وان ترتمي في احضان الاقوى لتنال ما تريد وتتسلق الى القمة. وكيف لمن يتعرى من القيم والمبادئ ان يخدم شعبه وامته؟! ان تكون اقلية عليك ان تجرع السم وان تقرأ في المدرسة تاريخا مزيفا كذبا لا يمد الى الحقيقة والواقع بأية صلة, وانت لا تتمكن من كشف الكذب او التعبير عن رأيك فيه. وان ترتدي زيا ليس لك فيه شيئا الا التقرب من السلطان. ان تتخذ الدولة قرارات تخصك وما عليك الا التصفيق لها سلبا كان ام ايجابا او تعترض عليها كيفما شئت دون جدوى. أن تمنع من السلاح وتترك الى انصاف اللصوص إن كان في اللص ذلك. باختصار شديد ان كنت من الاقلية ومواطنا من الدرجة الثانية في الوطن, فأنك كمن يحرم من حضن أمه ليعيش تحت رحمة زوجة ابيه.
|